كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَلَمَّا كَانَ مِثْلُ هَذَا التَّأْمِينِ وَالْوَعْظِ الْبَلِيغِ لَا يُؤَثِّرُ فِي كُلِّ نَفْسٍ قَفَّى عَلَيْهِ هَذَا الْأَخُ الْبَارُّ بِالتَّذْكِيرِ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ، فَقَالَ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} أَيْ إِنِّي أُرِيدُ بِمَا ذَكَرْتُ مِنِ اتِّقَاءِ مُقَابَلَةِ الْجِنَايَةِ بِمِثْلِهَا أَنْ تَرْجِعَ أَنْتَ إِنْ فَعَلْتَهَا مُتَلَبِّسًا بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ؛ أَيْ إِثْمِ قَتْلِكَ إِيَّايَ وَإِثْمِكَ الْخَاصِّ بِكَ، الَّذِي كَانَ مِنْ شُؤْمِهِ عَدَمُ قَبُولِ قُرْبَانِكَ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَأْثُورٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَفِي وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الْقَاتِلِ يَحْمِلُ فِي الْآخِرَةِ إِثْمَ مَنْ قَتَلَهُ إِنْ كَانَ لَهُ آثَامٌ؛ لِأَنَّ الذُّنُوبَ وَالْآثَامَ الَّتِي فِيهَا حُقُوقٌ لِلْعِبَادِ، لَا يَغْفِرُ اللهُ تَعَالَى مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى يَأْخُذَ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَإِنَّمَا الْقِصَاصُ فِي الْآخِرَةِ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، فَيُعْطَى الْمَظْلُومُ مِنْ حَسَنَاتِ الظَّالِمِ مَا يُسَاوِي حَقَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٌ تُوَازِي ذَلِكَ، أَوْ يَحْمِلُ الظَّالِمُ مِنْ آثَامِ الْمَظْلُومِ وَأَوْزَارِهِ مَا يُوَازِي ذَلِكَ إِنْ كَانَ لَهُ آثَامٌ أَوْ أَوْزَارٌ، وَمَا نَقَصَ مِنْ هَذَا أَوْ ذَاكَ يُسْتَعَاضُ عَنْهُ بِمَا يُوَازِيهِ مِنَ الْجَزَاءِ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ، وَفِي ذِكْرِ الْمُتَكَلِّمِ إِثْمَهُ وَإِثْمَ أَخِيهِ تَوَاضُعٌ وَهَضْمٌ لِنَفْسِهِ بِإِضَافَةِ الْإِثْمِ إِلَيْهَا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَتَذْكِيرٌ لِلْمُخَاطَبِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَسَنَاتٌ تُوَازِي هَذَا الظُّلْمَ الَّذِي عَزَمَ عَلَيْهِ؛ وَلِذَلِكَ رَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: {فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} أَيْ تَكُونَ بِمَا حَمَلْتَ مِنَ الْإِثْمَيْنِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّكَ تَكُونُ ظَالِمًا، وَالنَّارُ جَزَاءُ كُلِّ ظَالِمٍ، فَتَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا حَتْمًا. تَرَقَّى فِي صَرْفِهِ عَنْ عَزْمِهِ مِنَ التَّبَرُّؤِ إِلَيْهِ مِنْ سَبَبِ حِرْمَانِهِ مِنْ قَبُولِ قُرْبَانِهِ بِبَيَانِ سَبَبِ التَّقَبُّلِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى وَهُوَ التَّقْوَى، إِلَى تَنْزِيهِ نَفْسِهِ مِنْ جَزَائِهِ عَلَى جِنَايَتِهِ بِمِثْلِهَا، إِلَى تَذْكِيرِهِ بِمَا يَجِبُ مِنْ خَوْفِ اللهِ تَعَالَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي لَا يُرْضِيهِ مِمَّنْ وَهَبَهُمُ الْعَقْلَ وَالِاخْتِيَارَ إِلَّا أَنْ يَتَحَرَّوْا إِقَامَةَ سُنَنِهِ فِي تَرْبِيَةِ الْعَالَمِ وَإِبْلَاغِ كُلِّ حَيٍّ يَقْبَلُ الْكَمَالَ إِلَى كَمَالِهِ، إِلَى تَذْكِيرِهِ بِأَنَّ الْمُعْتَدِيَ يَحْمِلُ إِثْمَ نَفْسِهِ وَإِثْمَ مَنِ اعْتَدَى عَلَيْهِ بِعَدْلِ اللهِ تَعَالَى فِي الْقِصَاصِ وَالْجَزَاءِ إِلَى تَذْكِيرِهِ بِعَذَابِ النَّارِ وَكَوْنِهَا مَثْوًى لِلظَّالِمِينَ الْفُجَّارِ، فَمَاذَا كَانَ مِنْ تَأْثِيرِ هَذِهِ الْمَوَاعِظِ فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْحَاسِدِ الظَّالِمِ؟ بَيَّنَ اللهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ} فَسَّرُوا طَوَّعَتْ بِشَجَّعَتْ، وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ، وَبِوَسَّعَتْ وَسَهَّلَتْ وَزَيَّنَتْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ مُفَسِّرِي السَّلَفِ وَعُلَمَاءِ اللُّغَةِ، وَكُلٌّ مِنْهَا يُشِيرُ إِلَى حَاصِلِ الْمَعْنَى فِي الْجُمْلَةِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا شَرَحَ بَلَاغَةَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِبَعْضِ مَا أَجِدُ لَهَا مِنَ التَّأْثِيرِ فِي نَفْسِي، وَإِنَّهَا لَبِمَكَانٍ مِنَ الْبَلَاغَةِ يُحِيطُ بِالْقَلْبِ وَيَضْغَطُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.
{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} (50: 1) إِنَّنِي أَكْتُبُ الْآنَ، وَقَلْبِي يَشْغَلُنِي عَنِ الْكِتَابَةِ بِمَا أَجِدُ لَهَا فِيهِ مِنَ الْأَثَرِ وَالِانْفِعَالِ. إِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ تَدُلُّ عَلَى تَدْرِيجٍ وَتَكْرَارٍ فِي حَمْلِ الْفِطْرَةِ عَلَى طَاعَةِ الْحَسَدِ الدَّاعِي إِلَى الْقَتْلِ؛ كَتَذْلِيلِ الْفَرَسِ وَالْبَعِيرِ الصَّعْبِ، فَهِيَ تُمَثِّلُ- لِمَنْ يَفْهَمُهَا- وَلَدَ آدَمَ الَّذِي زَيَّنَ لَهُ حَسَدُهُ لِأَخِيهِ قَتْلَهُ، وَهُوَ بَيْنَ إِقْدَامٍ وَإِحْجَامٍ، يُفَكِّرُ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْ كَلِمَاتِ أَخِيهِ الْحِكَمِيَّةِ، فَيَجِدُ فِي كُلٍّ مِنْهَا صَارِفًا لَهُ عَنِ الْجَرِيمَةِ، يُدَعِّمُ وَيُؤَيِّدُ مَا فِي الْفِطْرَةِ مِنْ صَوَارِفِ الْعَقْلِ وَالْقَرَابَةِ وَالْهَيْبَةِ، فَكَرَّ الْحَسَدُ مِنْ نَفْسِهِ الْأَمَّارَةِ عَلَى كُلِّ صَارِفٍ فِي نَفْسِهِ اللَّوَّامَةِ، فَلَا يَزَالَانِ يَتَنَازَعَانِ وَيَتَجَاذَبَانِ حَتَّى يَغْلِبَ الْحَسَدُ كُلًّا مِنْهَا وَيَجْذِبَهُ إِلَى الطاعَةِ، فَإِطَاعَةُ صَوَارِفِ الْفِطْرَةِ وَصَوَارِفِ الْمَوْعِظَةِ لِدَاعِي الْحَسَدِ هُوَ التَّطَوُّعُ الَّذِي عَنَاهُ اللهُ تَعَالَى. فَلَمَّا تَمَّ كُلُّ ذَلِكَ قَتَلَهُ. وَهَذَا الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يُعْرَفُ مِنْ حَالِ الْبَشَرِ فِي كُلِّ عَصْرٍ بِمُقْتَضٍ، فَنَحْنُ نَرَى مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ وَاخْتِبَارِ الْقُضَاةِ لِلْجُنَاةِ أَنَّ كُلَّ مَنْ تُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ بِقَتْلِ أَخٍ لَهُ مِنْ أَبِيهِ الْقَرِيبِ أَوِ الْبَعِيدِ «آدَمَ» يَجِدُ مِنْ نَفْسِهِ صَارِفًا، أَوْ عِدَّةَ صَوَارِفَ تَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَيَتَعَارَضُ الْمَانِعُ وَالْمُقْتَضِي فِي نَفْسِهِ زَمَنًا طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا، حَتَّى تُطَوِّعَ لَهُ نَفْسُهُ الْقَتْلَ بِتَرْجِيحِ الْمُقْتَضِي عِنْدَهُ عَلَى الْمَوَانِعِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقْتُلُ إِنْ قَدَرَ. فَالتَّطْوِيعُ لابد فِيهِ مِنَ التَّكْرَارِ كَتَذْلِيلِ الْحَيَوَانِ الصَّعْبِ، وَتَعْلِيمِ الصِّنَاعَةِ أَوِ الْعِلْمِ، وَقَدْ يَكُونُ التَّكْرَارُ لِأَجْلِ إِطَاعَةِ مَانِعٍ أَوْ صَارِفٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ يَكُونُ لِإِطَاعَةِ عِدَّةِ صَوَارِفَ وَمَوَانِعَ، وَأَقْرَبُ الْأَلْفَاظِ الَّتِي قِيلَتْ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى كَلِمَةُ «التَّشْجِيعِ» الْمَأْثُورَةُ، فَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَهَابُ قَتْلَ أَخِيهِ، وَتَجْبُنُ فِطْرَتُهُ دُونَهُ، فَمَا زَالَتْ نَفْسُهُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ تُشَجِّعُهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَجَرَّأَ وَقَتَلَ عَقِبَ التَّطْوِيعِ بِلَا تَفَكُّرٍ وَلَا تَدَبُّرٍ لِلْعَاقِبَةِ {فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} أَيْ مِنْ جِنْسِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ، بِإِفْسَادِ فِطْرَتِهَا، وَخَسِرُوا أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِمْ وَأَبَرَّهُمْ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ الْأَخُ الصَّالِحُ التَّقِيُّ، وَخَسِرُوا نَعِيمَ الْآخِرَةِ؛ إِذْ لَمْ يَعُودُوا أَهْلًا لَهَا؛ لِأَنَّهَا دَارُ الْمُتَّقِينَ.
{فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} لَمَّا كَانَ هَذَا الْقَتْلُ أَوَّلَ قَتْلٍ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الْخَلْقِ- أَيِ الْإِنْسَانِ- مَوْكُولًا إِلَى كَسْبِهِ وَاخْتِيَارِهِ فِي عَامَّةِ أَعْمَالِهِ، لَمْ يَعْرِفِ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ كَيْفَ يُوَارِي جُثَّةَ أَخِيهِ الْمَقْتُولِ، الَّتِي يَسُوؤُهُ أَنْ يَرَاهَا بَارِزَةً- فَالسَّوْءَةُ مَا يَسُوءُ ظُهُورُهُ، وَرُؤْيَةُ جَسَدِ الْمَيِّتِ، وَلاسيما الْمَقْتُولُ، يَسُوءُ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيُوحِشُهُ- وَأَمَّا سَائِرُ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ فَتُلْهَمُ عَمَلَ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ إِلْهَامًا فِي الْأَكْثَرِ، وَقَلَّمَا يَتَعَلَّمُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ شَيْئًا. وَقَدْ عَلَّمَنَا اللهُ تَعَالَى أَنَّ الْقَاتِلَ الْأَوَّلَ تَعَلَّمَ دَفْنَ أَخِيهِ مِنَ الْغُرَابِ، وَيَدُلُّنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ فِي نَشْأَتِهِ الْأُولَى كَانَ فِي مُنْتَهَى السَّذَاجَةِ، وَأَنَّهُ لِاسْتِعْدَادِهِ الَّذِي يَفْضُلُ بِهِ سَائِرَ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ كَانَ يَسْتَفِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وَاخْتِبَارًا وَيَرْتَقِي بِالتَّدْرِيجِ.
ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى بَعَثَ غُرَابًا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَبَحَثَ فِي الْأَرْضِ؛ أَيْ حَفَرَ بِرِجْلَيْهِ فِيهَا، يُفَتِّشُ عَنْ شَيْءٍ، وَالْمَعْهُودُ أَنَّ الطَّيْرَ تَفْعَلُ ذَلِكَ لِطَلَبِ الطَّعَامِ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْغُرَابَ أَطَالَ الْبَحْثَ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ قال: {يَبْحَثُ} وَلَمْ يَقُلْ بَحَثَ، وَالْمُضَارِعُ يُفِيدُ الِاسْتِمْرَارَ، فَلَمَّا أَطَالَ الْبَحْثَ أَحْدَثَ حُفْرَةً فِي الْأَرْضِ، فَلَمَّا رَأَى الْقَاتِلُ الْحُفْرَةَ، وَهُوَ مُتَحَيِّرٌ فِي أَمْرِ مُوَارَاةِ سَوْءَةِ أَخِيهِ، زَالَتِ الْحَيْرَةُ، وَاهْتَدَى إِلَى مَا يَطْلُبُ، وَهُوَ دَفْنُ أَخِيهِ فِي حُفْرَةٍ مِنَ الْأَرْضِ. هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنَ الْآيَةِ. وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: إِنَّ مِنْ عَادَةِ الْغُرَابِ دَفْنُ الْأَشْيَاءِ، فَجَاءَ غُرَابٌ فَدَفَنَ شَيْئًا، فَتَعَلَّمَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَهَذَا قَرِيبٌ، وَلَكِنَّ جُمْهُورَ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: إِنِ اللهَ بَعَثَ غُرَابَيْنِ لَا وَاحِدًا، وَإِنَّهُمَا اقْتَتَلَا، فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَحَفَرَ بِمِنْقَارِهِ وَرِجْلَيْهِ حُفْرَةً أَلْقَاهُ فِيهَا، وَمَا جَاءَ هَذَا إِلَّا مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي مَصْدَرُهَا الْإِسْرَائِيلِيَّاتُ، عَلَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الْغُرَابِ وَالدَّفْنِ لَا ذِكْرَ لَهَا فِي التَّوْرَاةِ، وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ زِيَادَاتٌ كَثِيرَةٌ، لَا فَائِدَةَ لَهَا وَلَا صِحَّةَ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُرِيَهُ} لِلتَّعْلِيلِ إِذَا كَانَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إِلَى اللهِ تَعَالَى؛ أَيْ إِنَّهُ تَعَالَى أَلْهَمَ الْغُرَابَ ذَلِكَ لِيَتَعَلَّمَ ابْنُ آدَمَ مِنْهُ الدَّفْنَ، وَلِلصَّيْرُورَةِ وَالْعَاقِبَةِ إِذَا كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا إِلَى الْغُرَابِ؛ أَيْ لِتَكُونَ عَاقِبَةُ بَحْثِهِ مَا ذُكِرَ.
وَلَمَّا رَأَى الْقَاتِلُ الْغُرَابَ يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ، وَتَعَلَّمَ مِنْهُ سُنَّةَ الدَّفْنِ، وَظَهَرَ لَهُ مِنْ ضَعْفِهِ وَجَهْلِهِ مَا كَانَ غَافِلًا عَنْهُ {قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ {يَاوَيْلَتَا} كَلِمَةُ تَحَسُّرٍ وَتَلَهُّفٍ وَإِنَّهَا تُقَالُ عِنْدَ حُلُولِ الدَّوَاهِي وَالْعَظَائِمِ. وَقَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: وَالْوَيْلُ: حُلُولُ الشَّرِّ، وَالْوَيْلَةُ: الْفَضِيحَةُ وَالْبَلِيَّةُ. وَقِيلَ هُوَ تَفَجُّعٌ، وَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: يَا وَيْلَتَاهُ! فَإِنَّمَا يَعْنِي وَافَضِيحَتَاهُ! وَكَذَلِكَ تَفْسِيرُ {يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} (18: 49) انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الصَّحِيحُ، وَالْأَلِفُ فِي الْكَلِمَةِ بَدَلُ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ؛ إِذِ الْأَصْلُ يَا وَيْلَتِي، وَالنِّدَاءُ لِلْوَيْلَةِ؛ لِإِفَادَةِ حُلُولِ سَبَبِهَا الَّذِي تَحِلُّ لِأَجْلِهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ دَعَاهَا إِلَيْهِ، وَقَالَ: أَقْبِلِي فَقَدْ آنَ أَوَانُ مَجِيئِكِ، فَهَلْ بَلَغَ مِنْ عَجْزِي أَنْ كُنْتُ دُونَ الْغُرَابِ عِلْمًا وَتَصَرُّفًا؟ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِقْرَارِ وَالتَّحَسُّرِ، وَأَمَّا النَّدَمُ الَّذِي نَدِمَهُ فَهُوَ مَا يَعْرِضُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ عَقِبَ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنَ الْخَطَأِ فِي فِعْلِ فِعْلِهِ، إِذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ فِعْلَهُ كَانَ شَرًّا لَهُ لَا خَيْرًا، وَقَدْ يَكُونُ النَّدَمُ تَوْبَةً إِذَا كَانَ سَبَبُهُ الْخَوْفَ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَالتَّأَلُّمَ مَنْ تَعَدِّي حُدُودِهِ، وَقَصَدَ بِهِ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِحَدِيثِ «النَّدَمُ تَوْبَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَعَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِالصِّحَّةِ، وَأَمَّا النَّدَمُ الطَّبِيعِيُّ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ فَلَا يُعَدُّ وَحْدَهُ تَوْبَةً، وَالتَّوْبَةُ مِنْ إِحْدَاثِ الْبِدْعَةِ لَا تُنْجِي مُبْتَدِعَهَا مِنْ سُوءِ أَثَرِهَا، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعًا «لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ كِفْلٌ {نَصِيبٌ} مِنْ دَمِهَا؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ».
{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} قَالَ فِي اللِّسَانِ وَقَدْ ذَكَرَ الْآيَةَ: وَقَوْلُ الْعَرَبِ فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ كَذَا وَأَجْلَ كَذَا «بِفَتْحِ اللَّامِ» وَمِنْ أَجْلَاكَ «وَتُكْسَرُ الْهَمْزَةُ فِيهِمَا» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: «وَالْأَصْلُ فِي قَوْلِهِمْ فَعَلْتُهُ مِنْ أَجْلِكَ: أَجَلَ عَلَيْهِمْ أَجَلًا؛ أَيْ جَنَى وَجَرَّ» ثُمَّ قَالَ: وَأَجَلَ عَلَيْهِمْ شَرًّا يَأْجُلُهُ «بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا».
أَجَلًا: جَنَاهُ وَهَيَّجَهُ، وَأَوْرَدَ شَوَاهِدَ مِنَ الشِّعْرِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَجَلْتُ عَلَيْهِمْ آجُلُ أَجَلًا؛ أَيْ جَرَرْتُ جَرِيرَةً، قَالَ أَبُو عُمَرَ: يُقَالُ: جَلَبْتُ عَلَيْهِمْ وَجَرَرْتُ وَأَجَلْتُ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ أَيْ جَنَيْتُ، وَأَجَلَ لِأَهْلِهِ بِأَجَلٍ: كَسَبَ وَجَمَعَ وَاحْتَالَ، انْتَهَى. وَزَادَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِهِ قَيْدًا فِي تَعْرِيفِ الْأَجَلِ، فَقَالَ: الْأَجَلُ: الْجِنَايَةُ الَّتِي يَخَافُ مِنْهَا آجِلًا، فَكُلُّ أَجَلٍ جِنَايَةٌ، وَلَيْسَ كُلُّ جِنَايَةٍ أَجَلًا، يُقَالُ: فَعَلْتُ كَذَا مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ تَعَالَى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} أَيْ مِنْ جَرَّائِهِ. انْتَهَى.
وَأَقُولُ: لَا حَاجَةَ إِلَى الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ كُلِّ جِنَايَةٍ أَنْ يُخَافَ آجِلُهَا وَتُحْذَرَ عَاقِبَتُهَا، وَمَنْ تَتَبَّعَ الشَّوَاهِدَ وَالْأَقْوَالَ يُرَجِّحُ مَعِي أَنَّ الْأَجَلَ هُوَ جَلْبُ الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ عَاقِبَةٌ أَوْ ثَمَرَةٌ، وَكَسْبُهُ أَوْ تَهْيِيجُهُ، وَيُعَدَّى بِاللَّامِ، وَقَدْ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ حَسَنَةً كَقَوْلِهِمْ: أَجَلَ لِأَهْلِهِ، وَغَلَبَ الْفِعْلُ فِي الرَّدِيءِ وَالشَّرِّ، وَإِنْ عُدِّيَ بِاللَّامِ كَقَوْلِ تَوْبَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الْعَيْسِيِّ:
فَإِنْ تَكُ أُمُّ ابْنِي زَمِيلَةُ أَثْكَلَتْ ** فَيَا رُبَّ أُخْرَى قَدْ أَجَلْتَ لَهَا ثَكْلَا

ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي التَّعْلِيلِ مُطْلَقًا، كَمَا قَالَ عُدَيُّ بْنُ زَيْدٍ أَجْلَ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ الْبَيْتَ، وَهُوَ بِغَيْرِ مِنْ.
وَمَعْنَى الْعِبَارَةِ أَنَّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْجُرْمِ وَالْقَتْلِ الَّذِي أَحَلَّهُ أَحَدُ هَذَيْنِ الْأَخَوَيْنِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، لَا بِسَبَبٍ آخَرَ كَتَبْنَا وَفَرَضْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَلَى {كَتَبْنَا} يُفِيدُ أَنَّ هَذَا التَّشْدِيدَ فِي تَشْنِيعِ الْقَتْلِ كَانَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْبَشَرَ عُرْضَةٌ لِلْبَغْيِ الشَّدِيدِ الَّذِي يُفْضِي إِلَى الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ، إِذَا لَمْ يَرْدَعْهُمُ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ، أَوْ خَوْفُ الْعِقَابِ الْعَتِيدِ، وَلَعَلَّ تَخْصِيصَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالذِّكْرِ هُوَ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الْحَسَنُ قَوْلَهُ: إِنَّ وَلَدَيْ آدَمَ هَذَيْنِ كَانَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا التَّخْصِيصَ لِلتَّعْرِيضِ بِمَا كَانَ مِنْ شِدَّةِ حَسَدِ الْيَهُودِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُ بَعَثَ فِيهِمْ، كَمَا بَيَّنَ اللهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَبْلُ، وَبِمَا كَانَ مِنْ إِسْرَافِهِمْ فِي الْبَغْيِ، وَمِنْهُ قَتْلُهُمْ لِلْأَنْبِيَاءِ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، بِغَيْرِ حَقٍّ.
وَأَمَّا هَذَا الَّذِي كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ فَهُوَ {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ} أَيْ بِغَيْرِ سَبَبِ الْقِصَاصِ الَّذِي شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ الْآتِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (5: 45) أَيْ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا يُقْتَلُ بِهَا جَزَاءً وِفَاقًا {أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ}.
أَوْ غَيْرِ سَبَبِ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ بِسَلْبِ الْأَمْنِ، وَالْخُرُوجِ عَلَى أَئِمَّةِ الْعَدْلِ، وَإِهْلَاكِ الْحَرْثِ وَالنَّسْلِ، كَمَا تَفْعَلُهُ الْعِصَابَاتُ الْمُسَلَّحَةُ لِقَتْلِ الْأَنْفُسِ وَنَهْبِ الْأَمْوَالِ، أَوْ إِفْسَادِ الْأَمْرِ عَلَى ذِي السُّلْطَانِ الْمُقِيمِ لِحُدُودِ اللهِ، وَهُوَ مَا سَيَأْتِي حُكْمُهُ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (5: 33) الْآيَةَ.
{فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} لِأَنَّ الْوَاحِدَ يُمَثِّلُ النَّوْعَ فِي جُمْلَتِهِ، فَمَنِ اسْتَحَلَّ دَمَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ يَسْتَحِلُّ دَمَ كُلِّ وَاحِدٍ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ، فَتَكُونُ نَفْسُهُ ضَارِبَةً بِالْبَغْيِ لَا وَازِعَ لَهَا مِنْ ذَاتِهَا وَلَا مِنَ الدِّينِ {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} أَيْ وَمَنْ كَانَ سَبَبًا لِحَيَاةِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ بِإِنْقَاذِهَا مِنْ مَوْتٍ كَانَتْ مُشْرِفَةً عَلَيْهِ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْبَاعِثَ لَهُ عَلَى إِنْقَاذِ الْوَاحِدَةِ- وَهُوَ الرَّحْمَةُ وَالشَّفَقَةُ وَمَعْرِفَةُ قِيمَةِ الْحَيَاةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَاحْتِرَامُهَا، وَالْوُقُوفُ عِنْدَ حُدُودِ الشَّرِيعَةِ فِي حُقُوقِهَا- تَنْدَغِمُ فِيهِ جَمِيعُ حُقُوقِ النَّاسِ عَلَيْهِ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اسْتَطَاعَ أَنْ يُنْقِذَهُمْ كُلَّهُمْ مِنْ هَلَكَةٍ يَرَاهُمْ مُشْرِفِينَ عَلَى الْوُقُوعِ فِيهَا لَا يَنِي فِي ذَلِكَ وَلَا يَدَّخِرُ وُسْعًا، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يُقَصِّرُ فِي حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْبَشَرِ عَلَيْهِ. وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَمِيعُ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ الَّذِي قَتَلَ نَفْسًا وَاحِدَةً بِغَيْرِ حَقٍّ لَكَانُوا عُرْضَةً لِلْهَلَاكِ بِالْقَتْلِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَلَوْ كَانُوا مِثْلَ ذَلِكَ الَّذِي أَحْيَا نَفْسًا وَاحِدَةً احْتِرَامًا لَهَا وَقِيَامًا بِحُقُوقِهَا لَامْتَنَعَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ الْحَقِّ مِنَ الْأَرْضِ، وَعَاشَ النَّاسُ مُتَعَاوِنِينَ، بَلْ إِخْوَانًا مُتَحَابِّينَ مُتَوَادِّينَ، فَالْآيَةُ تُعَلِّمُنَا مَا يَجِبُ مِنْ وَحْدَةِ الْبَشَرِ وَحِرْصِ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى حَيَاةِ الْجَمِيعِ، وَاتِّقَائِهِ ضَرَرَ كُلِّ فَرْدٍ؛ لِأَنَّ انْتِهَاكَ حُرْمَةِ الْفَرْدِ انْتِهَاكٌ لِحُرْمَةِ الْجَمِيعِ، وَالْقِيَامُ بِحَقِّ الْفَرْدِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ عُضْوٌ مِنَ النَّوْعِ، وَمَا قَرَّرَ لَهُ مِنْ حُقُوقِ الْمُسَاوَاةِ فِي الشَّرْعِ، قِيَامٌ بِحَقِّ الْجَمِيعِ. وَقَدْ غَفَلَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى الْعَالِي مَنْ جَعَلَ التَّشْبِيهَ فِي الْآيَةِ مُشْكِلًا يَحْتَاجُ إِلَى التَّخْرِيجِ وَالتَّأْوِيلِ.